الخميس، 17 سبتمبر 2009

الأصولية اليهودية في إسرائيل

مقدمة

لأن الأصولية الإسلامية كانت دائما مرادفة للإرهاب العربي فإنها تحصل على نصيب وافر من كراهية العالم غير الإسلامي. ولأن الأصولية المسيحية مصحوبة دائما بالجهل والخرافة وعدم التسامح والتمييز العنصري فقد أصبحت هدفاً لبغض الصفوة الثقافية والحضارية في الولايات المتحدة. وأدت الزيادة الكبيرة في أعداد معتنقيها مؤخراً، إلى جانب اتساع نفوذها السياسي، إلى تحول الأصولية المسيحية إلى خطر حقيقي على الديمقراطية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من احتوائها على كل السمات العلمية الاجتماعية للأصولية الإسلامية والمسيحية، على وجه التقريب، فإن الأصولية اليهودية مجهولة خارج إسرائيل وقطاعات معينة من بعض الأماكن الأخرى. وحينما يتم العلم بها، فإن أهميتها يتم التقليل منها إلى أدنى حد أو تقصتر على الممارسات الدينية السرية والزى اليهودي التقليدي الأوروبي، وذلك-غالباً-من خلال المعلقين غير الإسرائيليين الذي يرون الشرور الكامنة في أبناء عمومتها الأصولية الإسلامية والأصولية المسيحية.
وباعتبارنا دارسين للمجتمع المعاصر وكيهوديين، أحدهما إسرائيلي والآخر أمريكي، ربما لدينا من التزامات وارتباطات بالشرق الأوسط، فإننا لا نستطيع المساهمة في رؤية الأصولية اليهودية في إسرائيل كعائق جوهري أمام السلام في المنطقة. كما أننا لا نستطيع المساهمة في تجاهل الخطر الداهم للأصولية اليهودية على السلام وعلى ضحاياها من خلال أولئك الذين يعرفونها معرفة جيدة، وسرعان ما يشيرون بأصابع الاتهام إلى العنف الكامن في المناهج الأصولية الأخرى.
هذا الكتاب هو رحلة للفهم-غالباً مؤلمة وموحشة وتبعث على القلق-بالنسبة لنا كيهود يعلقون الكثير على اليهودية. ومن كل قلوبنا وعقولنا نرغب في أن يقوم اليهود إلى جانب الشعوب الأخرى بالكفاح من أجل تحقيق القيم العليا، حتى لو قصرنا على بلوغها، ونحن نري أن هذه القيم تقع من الحضارة الغريبة موقع القلب، ويعمل في سبيلها كل العالم المتحضر. إننا نؤمن بأن هذه القيم لا تقف في طريق السلام بأي شكلا من الأشكال. وإساءة استخدام هذه القيم باسم الأصولية اليهودية تقف عقبة على طريق السلام وأمام تنمية الديمقراطية الإسرائيلية وحتى على طريق التحضر، مما يسيء إلينا كيهود وكبشر. ومن أجل التعرف على والحد من-وليس التخلص النهائي- من هذه الإساءة، كتبنا هذا الكتاب وشرعنا في هذه الرحلة...على أمل أن نصل بقرائنا إلى شاطئ الفهم ونحن معهم.
إننا نفترض أن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم فهم التيارات والتيارات المعارضة للحياة المعاصرة في المنطقة. وفي هذه المنطقة ذات السمات التاريخية والدينية البارزة، يتضمن ذلك الفهم سبر غور الماضي الذي لا يزال يخيم بظلاله على المواقف والقيم والافتراضات والسلوك لكل شعوب هذه الأرض الجميلة والمليئة بالمتاعب. والمعارضة اليهودية في إسرائيل للأصولية اليهودية زادت إلى حد بعيد بعد أن أصر أحد المتعصبين الأصوليين الدينيين اليهود، وهو إيجال عامير، بأنه كان يتصرف طبقاً لتعليمات الشريعة اليهودية حينما قام بإطلاق الرصاص على إسحاق رابين رئيس الوزراء الراحل وأرداه قتيلاً. وأدي قيام العديد من الجماعات الدينية اليهودية بعد الاغتيال بتأييد جريمة القتل هذه باسم الديانة اليهودية "الحقيقية" إلى إثارة الاهتمام في إسرائيل بجرائم القتل الماضية التي قام بها يهود ضد يهود آخرين اعتبروا مهرطقين أو آثمين.
وفي كتابنا هذا سوف نستشهد بتحقيقات حالية وسابقة لباحثين إسرائيليين يؤكدون أن اليهود قبل قرون من ظهور الدولة القومية المعاصرة، من خلال اعتقادهم بأنهم يعملون تبعاً لكلمة الرب واستعدادا للجنة الأبدية، قاموا بمعاقبة أو قتل المهرطقين ومرتكبي الآثام. إن الأصولية اليهودية المعاصرة محاولة للعودة إلى المجتمع الذي كان موجوداً قبل ظهور الحياة المعاصرة.
والقواعد الأساسية للأصولية اليهودية هي نفسها الخاصة بالديانات الأخرى: إعادة بعث وإحياء المجتمع الديني "النقي" والورع المفترض وجوده في الماضي.
كما سوف نقوم بوصف أصول وأيديولوجيات وممارسات وتأثير الأصولية على المجتمع ببعض التفصيل.
كما أننا سوف نؤكد بشكل خاص على الاتجاه المسياني أو المسيحاني (الذي يبشر بظهور المسيح أو المخلص اليهودي وقيام مملكة اليهود).
وذلك لأننا نعتقد أنه الاتجاه الأكثر تأثيراً والأكثر خطورة في إسرائيل.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ند أن الحزب القومي الديني، الذي يسيطر عليه أنصار الاتجاه المسياني (المبشر بالخلاص) للأصولية اليهودية، يعارض بشكل مستمر أي انسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967.
وقد عارض هؤلاء الأصوليون الانسحاب الإسرائيلي من سيناء عام 1978، وبعد مرور عشرين عاماً على ذلك مازالوا يعارضون أي انسحاب من الضفة الغربية، ونفس اليهود هم الذين قاموا بطباعة وتوزيع أطلس يبين أرض إسرائيل المزعومة، التي تنتمي في رأيهم لليهود وتنتظر التحرير وتشتمل على سيناء والأردن ولبنان ومعظم سوريا والكويت. كما دافع الأصوليون اليهود عن المقترحات المسرفة في التمييز العنصري ضد الفلسطينيين.
إذن لا عجب أن باروخ جولدشتاين وإيجال عامير، أشهر السفاحين اليهود في التسعينيات ومعظم المعجبين بهم كانوا من الأصوليين اليهود ذوي النزعة المسيانية.
وفي التسعينيات، رز علماء الاجتماع والباحثون الإسرائيليون العاملون في المجالات الأكاديمية أكثر من أي وقت مضي على الآثار الاجتماعية للأصولية اليهودية على المجتمع الإسرائيلي. والرأي الشائعتين هؤلاء الباحثين هو أن الأصولية اليهودية في إسرائيل معادية للديمقراطية. ويعارض الأصوليون المساواة بين جميع المواطنين، وخاصة غير اليهود واليهود المنحرفين مثل الشواذ، والغالبية العظمي من اليهود المتدينين في إسرائيل، بسبب تأثرهم بالأصوليين، يشاركونهم وجهات نظرهم إلى حد ما.
وفي عرض أحد الكتب التي نشرت في 14 أكتوبر 1998، يستشهد باروخ كيمرلنج، أحد علماء الاجتماع الإسرائيليين البارزين، ببعض الدلائل المأخوذة عن إحدى الدراسات التي قام بها باحثون آخرون، قائلاً:
"إن قيم الديانة (اليهودية)، على الأقل في شكلها الأرثوذكسي والقومي الذي يسود إسرائيل، لا يمكن أن تتوافق مع القيم الديمقراطية، ولا يوجد أي متغير آخر- سواء كان القومية أو الموقف من الأمن أو القيم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السلالة العرقية أو التعليم- يؤثر على مواقف اليهود (الإسرائيليين) على نحو يضر بالديمقراطية كما يفعل التشدد الديني".
ومن خلال الاستشهاد بأدلة إضافية، يقول كيمرلنج أيضاً أن اليهود الإسرائيليين العلمانيين الذي حصلوا على تعليم جامعي أو متوسط هم أكثر التصاقاً بالقيم الديمقراطية وأن اليهود المتدينين الذي تلقوا تعليمهم في المدارس الدينية (اليشيفوت) هم الأكثر اعتراضاً على الديمقراطية، ومن الواضح أن عداء الأصوليين للقيم الديمقراطية، وكذلك لمعظم جوانب الثقافة العلمانية ونمط الحياة السائدة، مغروس بعمق في المدارس الدينية الإسرائيلية.
إن الأدلة التي تشير إلى عداء الأصوليين لأسلوب الحياة العلماني للغالبية العظمي من اليهود الإسرائيليين بالغة الوضوح. والعدد الصادر يوم 20 سبتمبر عام 1998 من صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أوسع الصحف اليومية الإسرائيلية انتشارا، على سبيل المثال، يحتوي على دراسة مسحية "للخصائص الثقافية" للمجتمع اليهودي الإسرائيلي. وكشف الدراسة عن أن المستهلكة الإسرائيليين الأساسيين للثقافة، الذين يزورون المتاحف ويحضرون الحفلات الموسيقية ويشاهدون العروض المسرحية، هم أولئك الذين أتموا الدراسة بالمدرسة العليا، ووصفوا أنفسهم بأنهم لا علمانيون ولا متدينون أرثوذكس. وأكدت الصحافة الدينية الإسرائيلية وتصريحات الحاخامات الإسرائيليين، التي تدين النشاط الثقافي، على نتائج الدراسة.
وأبدي الأصوليون اليهود عداء سافرا تجاه اليهود الذين يتبعون نمط حياة جنسية مختلفا، كما كان رد فعل الكثير من الحاخامات الإسرائيليين والأحزاب السياسية الدينية الإسرائيلية في التسعينيات عنيفا تجاه تنامي قوة جماعات الشواذ والشاذات في إسرائيل. وتبعاً للهالاخاه (الشريعة اليهودية) فإن عقوبة الشذوذ هي الرجم حتى الموت، وعلى الرغم من أن العقوبة غير واضحة بالنسبة للسحاق، فإنه محرم أيضاً. وركز الصحافة العلمانية في التسعينيات على بعض المقترحات الحاخامية الغاضبة للتعامل مع الشواذ، والتي اشتملت على "العلاج الإجباري" وقضاء فترة في "معهد تعليمي مغلق".
وأشار الكثير من الحاخامات إلى أنهم يفضلون تطبيق عقوبة الموت على الشواذ اليهود. (ومالوا إلى تنحية موضوع السحاق جانباً). وفي الدعاية الانتخابية التليفزيونية، كانت الأحزاب السياسية الإسرائيلية الدينية تؤكد على أن اليهود الشواذ يشكلون أحد أعظم الأخطار التي تهدد إسرائيل.
والصراعات في المجتمع الإسرائيلي بين أنصار ومناوئي الأصولية اليهودية تعتبر ضمن أهم قضايا السياسة الإسرائيلية.
وفي هذا الكتاب لن نحاول مناقشة كل هذه المشاكل والقضايا. ولكننا سوف نركز على ما نعتبره المشاكل والقضايا الأكثر حيوية للأصولية اليهودية.
إن المدافعين عن "المصالح اليهودية" يهاجمون غالباً الأشخاص الذين يكتبون بشكل نقدي عن اليهود واليهودية بسبب عدم تأكيدهم في نفس المكان على السمات الإيجابية والتي قد لا يكون لها أي تأثير يذكر على الموضوع الذي تتم معالجته، وبعض هؤلاء المدافعين، على سبيل المثال، قاموا بالهجوم على سيفي راكلفسكي بعد نشره كتابه الشهير "حمار المسيح". وفي كتابه زعم راكلفسكي أن الحاخام الأعظم كوك، الأب الروحي للنزعة المسيانية في الأصولية اليهودية (والذي يشار إليه على نحو بارز في هذا الكتاب)، قال أن "الفرق بين روح اليهود وأرواح غير اليهود-على مختلف المستويات-أكبر وأعمق من الفرق بين روح الإنسان وأرواح البهائم" ولم يحاول مناوئو راكلفسكي نفي علاقة كوك بهذه المقولة. ولكنهم، بدلا من ذلك، قالوا أن الحاخام كوك قال أشياء أخرى وأن راكلفسكي، من خلال إغفاله ذكرها، قد شوه تعاليم الحاخام كوك. وأشار راكلفسكي إلى أن مجمل تعاليم الحاخام كوك كانت قائمة على "القبالاه اللوريانية"، وهي تلك المدرسة من مدارس التصوف اليهودي التي سادت اليهودية من أواخر القرن السادس عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر (وقام بتأسيسها الحاخام إسحاق لوريا). وإحدى العقائد الأساسية للقبالاه اللوريانية تتمثل في السمو المطلق للروح اليهودية والجسد اليهودي على الروح والجسد غير اليهوديين. وتبعاً للقبالاه اللوريانية، فإن العالم خلق فقط من أجل اليهود، ووجود غير اليهود هو أمر ثانوي. فلو قام أد القساوسة المسيحيين أو أحد رجال الدين الإسلامي البارزين بالقول بأن الفرق بين الأرواح السامية لغير اليهود والأرواح الأدنى لليهود اكبر من الفرق بين روح الإنسان وروح البهيمة، فإنه سوف يشعل غضب معظم الباحثين اليهود ويتهمونه بمعاداة السامية بصرف النظر عن العبارات الإيجابية التي يمكن أن تكون قد جاءت في كلامه. ومن هذا المنظور يعتبر مناوئو راكلفسكي من معتنقي الرياء. ولكون الحاخام كوك كان نباتياً، وكونه كان حتى يحترم حقوق النباتات لدرجة عدم سماحه يقطف الزهور من أجل أن يستمتع بها، لا يضيف ولا ينقص من موقفه الخاص بالمقارنة بين أرواح اليهود وغير اليهود شيئاً. كما أن استنكاره للوحشية اليهودية غير الضرورية ضد غير اليهود لا يجب أن يقلل من النقد الموجه لابتهاجه النابع من إيمانه بأن موت ملايين الجنود أثناء الحرب العالمية الأولى كان إحدى علامات قرب خلاص اليهود ومجيء المسيح.
إن المنتقصين من قدر راكلفسكي وأولئك الذين قد يمطروننا بوابل من النقد لنا ولكتابنا على السواء ليسوا المنافقين الوحيدين في المنطقة. فأرفف المكتبات في الدول التي تتحدث الإنجليزية وفي دول أخرى تئن تحت وطأة الكتب التي تتحدث عن التصوف اليهودي بشكل عام وعن القبالاه اللوريانية والحسيدية (وهي حركة صوفية أسسها بعل شيم طوف)، بشكل خاص. والكثير من مؤلفي هذه الكتب يعتبرون من أشهر الباحثين بسبب اهتمامهم بالتفاصيل. ومع ذلك، فإن من يقرأ هذه الكتب لا ينتابه الشك في أن التصوف اليهودي والقبالاه الليوريانية والحسيدية وتعاليم الحاخام كوك تحتوي على أفكار أساسية عن التفوق اليهودي مقارنة بأسوأ أشكال معاداة السامية.
فمؤلفو هذه الكتب، ومنهم جيرشون سوليم على سبيل المثال، قد أغفلوا الإشارة إلى هذه الأفكار. فهؤلاء المؤلفون منافقون على أعلى مستوي. وهم بذلك يشبهون الكثير من مؤلفي الكتب التي تتناول ستالين والستالينية، فتحي وقت قريب، لم يكن يستطيع قراءه الكتب التي كتبت بواسطة أنصار ستالين أن يعلموا شيئاً عن جرائم ستالين كما كانت لديهم أفار خاطئة عن الأنظمة الستالينية وأيديولوجياتها الفعلية.
والواقع أن هناك يهوداً معينين، بعضهم يملك نفوذا سياسياً، يعتبرون أن اليهود أعلى منزلة من غير اليهود، وينظرون إلى العالم على أنه خلق فقط أو بشكل أساسي من أجل اليهود، وهذا الإيمان بالتفوق اليهودي يكون أخطر ما يمكن حينما يكون متغلغلا في نفوس يهود يحبون أطفالهم، ويتميزون بالأمانة في علاقاتهم باليهود الآخرين وفي معاملاتهم وتتميز أعمالهم، كما هي الحال بالنسبة للأصوليين في كل الديانات، بالتقوى.
كما يكون هذا الاعتقاد أقل خطورة حينما يؤمن به يهود لا يهتمون كثيراً بالدين أو بالفساد. ونفس الشيء يمكن أن نراه حينما يكون هناك نظام علماني شمولي، فإن الشخص المخلص لهذا النظام أو القوم المتشدد يكون عادة أثر خطورة وضرراً من أي شخص فاسد في نفس النظام الأيديولوجي.
والمحصلة النهائية لهذه المقدمة هي محصلة شخصية وعامة. فنحن كيهود، ندرك أن أجدادنا أو أسلافنا آمنوا على الأقل ببعض الأفكار التي جاءت في هذا الكتاب.
ونفس العبارة يمكن أن تنطبق على يهود معاصرين آخرين.
ففي الماضي اعتنق الكثير من غير اليهود، أفراداً وجماعات، أفكار معادية للسامية، والتي-حينما أصبحت الظروف مواتية-أثرت على سلوك الآخرين تجاه اليهود. وبالمثل، في الماضي، كانت العبودية تمارس في أركان البسيطة الأربعة وتجد من يبرد وجودها، وكانت المنزلة المتدنية للمرأة ظاهرة عالمية، وكان هناك إيمان بانتماء بلد معين لفرد معين أو عائلة معينة وكان يورث. والأصوليون اليهود مازالوا يؤمنون، كما كانوا في الماضي، بأن هناك عصراً ذهبياً، كان، أو سوف يكون-كل شيء فيه بالغ الكمال. وهذا العصر الذهبي يكون أقرب ما يكون إلى الواقع بالنسبة لهم لدرجة أنهم عندما يواجهون بمعتقداتهم وممارساتهم الضارة فإنهم يلوذون بكلمة الرب، كما يلجأون إلى الوصف الكاذب للماضي وإدانة غير اليهود بأنهم يضمرون الإحساس بالتفوق ويزدرون اليهود.
كما يقوم الأصوليون أيضاً بتبرير إيمانهم بالنفوق اليهودي وشعورهم بالاحتقار تجاه غير اليهود ويسعون إلى إحياء العصر الذهبي الأسطوري الذي يسود فيه ما يؤمنون به.
لقد كتبنا هذا الكتاب من أجل الكشف عن الشخصية الحقيقية للأصولية اليهودية ومعتنقيها. هذه الشخصية التي تهدد السمات الديمقراطية للمجتمع اليهودي. ونحن نؤمن بأن الوعي هو أولى خطوات المعارضة.
كما ندرك أنه من خلال نقد الأصولية اليهودية فإننا ننقد جزءاً من الماضي الذي نحبه. إننا نرغب في أن يقوم أعضاء كل المجتمعات البشرية بنقد ماضيهم، حتى قبل أن ينقدوا الآخرين. وهذا-كما نعتقد-يمكن أن يؤدي إلى تفاهم أفضل بين المجتمعات الإنسانية، ويمكن أن تتبعه، ربما على نحو بطئ ومتردد، معاملة أفضل للأقليات. ومعظم ما جاء في كتابنا يتعلق بالمعتقدات الأساسية للمجتمع اليهودي الإسرائيلي والسياسات الناتجة عن ذلك. ونحن نؤمن بأن نقد الأصولية اليهودية، الذي يتضمن نقداً للماضي اليهودي، يمكن أن يساعد اليهود على اكتساب المزيد من الفهم وتحسين سلوكهم تجاه الفلسطينيين، وخاصة في الأراضي المحتلة عام 1967، كما نأمل أن يؤدي نقدانا إلى تحفيز أشخاص آخرين في الشرق الأوسط على نقد ماضيهم برمته من أجل زيادة معرفتهم بأنفسهم وتحسين سلوكهم تجاه الآخرين.
وكل ذلك يمكن أن يشكل عاملاً جوهرياً في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق