الجمعة، 18 سبتمبر 2009

الحادي عشر من سبتمبر وأبعاد المؤامرة

مقدمة
تقارن هجمات الحادي عشر من سبتمبر غالباً بالهجوم على بيرل هاربور. وقد كتب المحقق الصحفي جيمس بامفورد، على سبيل المثال، عن سلوك الرئيس بوش "في ظهر يوم بيرل هاربور الحديث". وذكرت شبكة سي بي إس الإخبارية أن الرئيس نفسه، قبل أن يأوي إلى فراشه في الحادي عشر من سبتمبر، كتب في مذكراته يقول: "إن بيرل هاربور القرن الحادي والعشرين حدثت اليوم".
وهذه المقارنة قد تم القيام بها من أجل القول بأن الرد الأمريكي على أحداث الحادي عشر من سبتمبر يجب أن يكون على غرار الرد الأمريكي على بيرل هاربور. وبعد أن ألقي الرئيس خطابه إلى الأمة في الحادي عشر من سبتمبر 2001، قام هنري كيسنجر بنشر مقال على الإنترنت جاء فيه: "إن الحكومة يجب أن تقوم برد منظم يؤدي، كما يأمل، إلى النهاية التي انتهى إليها الرد على بيرل هاربور، بمعني تدمير النظام المسئول عن حدوث ذلك". وفي افتتاحية مجلة "التايم" التي ظهرت بعد الهجمات مباشرة جاء فيها "دعونا لا نردد أية أقوال سخيفة عن "مداواة الجراح"... إن هذا اليوم المشئوم لا يجب أن يمر دون انتقام. دعونا نطلب الثأر. "إن ما نحتاج إليه اليوم هو التوحد وأن يكون هناك بيرل هاربور يؤجج حمي الغضب الأمريكية".
وأشارت بعض المقارنات إلى أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، قد فجرت رد فعل عنيفاً وطالبت باستخدام القوة العسكرية الأمريكية على نحو يشبه ما حدث في بيرل هاربور. ومن خلال الاستشهاد بما قاله بعض كبار المسئولين في إدارة بوش في عام 2000 بأن التغييرات التي يرغبون فيها سوف تكون صعبة ما لم يحدث بيرل هاربور جديد، كتب جون بيلجر الصحفي الأسترالي يقول: "إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر قدمت بيرل هاربور الجديد". كتب أحد أعضاء معهد الجيش الأمريكي للدراسات الإستراتيجية يقول بأنه بعد الحادي عشر من سبتمبر "وصل التأييد الشعبي للعمل العسكري إلى مستويات تضاهي رد الفعل الشعبي بعد هجوم بيرل هاربور".
وهذه المقارنات مع بيرل هاربور لا تبدو غير مبررة. إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كما يراها الجميع بالفعل، هي الأحداث الأكثر أهمية في العصر الحديث بالنسبة لأمريكا وللعالم أجمع. لقد أدت هجمات هذا اليوم إلى توفير ذريعة لتقييد الحريات المدنية في الولايات المتحدة (كما أدي بيرل هاربور إلى تقييد الحريات المدنية للأمريكيين اليابانيين). وكانت هذه الهجمات أيضاً نقطة انطلاق "للحرب على الإرهاب" على مستوى العالم تقودها الولايات المتحدة، حيث كانت حرباً أفغانستان والعراق تمثلان حدثين كبيرين في هذا السياق.
علاوة على ذلك فإن حرب إدارة بوش على الإرهاب قد نظر إليها على نحو موسع كذريعة من أجل إمبريالية أكثر عدوانية. على سبيل المثال، يقول فليس بنيس أن الحادي عشر من سبتمبر أنتج "سياسة خارجية فرضت على بقية العالم عبر قانون الإمبراطورية الذي لا يمكن تحديه" وبالطبع، أشار بعض المؤرخين إلى الوقت الذي رغب فيه الزعماء الأمريكيون في بناء إمبراطورية تنشر جناحيها على العالم أجمع. ولكن يعتقد معظم نقاد السياسة الخارجية الأمريكية أن إمبريالية إدارة بوش الابن، وخاصة منذ الحادي عشر من سبتمبر كانت أكثر سفورا وتطرفا وتغطرسا. وقد أشار ريتشارد فولك إلى ذلك باسم "مشروع الهيمنة العالمية". وعلى الرغم من وجود إسراف في النوايا الحسنة تجاه أمريكا بعد الحادي عشر من سبتمبر ورغبة عالمية في التسليم بصحة زعمها بأن الهجمات قد منحتها تفويضا بشن حرب عالمية على الإرهاب، فإن هذه النية الحسنة سرعان ما تم استهلاكها. والسياسة الخارجية الأمريكية تنتقد الآن على مستوى العالم على نحو موسع وعلى نحو مرير ربما أكثر من ذي قبل وربما أشد وطأة مما حدث خلال حرب فيتنام. ومع ذلك فإن الرد الأمريكي على النقاد هو الحادي عشر من سبتمبر. على سبيل المثال، عندما انتقد الأوروبيون نية إدارة بوش في الذهاب إلى الحرب ضد العراق، كان من السهل على العديد من صانعي الرأي العام الأمريكي المؤيدين للحرب الدفاع عن موقفهم بالقول أن الأوروبيين لم يذوقوا مرارة هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

الفشل الذريع للصحافة
بالنظر إلى دور الحادي عشر من سبتمبر في قيادة هذه الإمبريالية العدوانية السافرة، يري بعض المراقبين أن المؤرخين سوف يقفون أمامها طويلاً باعتبارها البداية الحقيقية للقرن الواحد والعشرين. ومع ذلك، على الرغم من الاتفاق العالمي على أن الحادي عشر من سبتمبر له تلك الأهمية غير المسبوقة، فإن هناك القليل من التمعن في الحادث في حد ذاته. ففي الذكري السنوية الأولى للهجمات، كتبت صحيفة نيويورك تايمز تقول: "بعد مضي عام، لازال الجمهور يعلم القليل عن الظروف التي أحاطت بمصرع 2801 شخص في قلب مانهاتن في وضح النهار على نحو أقل مما كان يعرفه الجمهور خلال أسابيع في عام 1912 بشأن تيتانيك".
هكذا كان الحال لأن إدارة بوش عبر زعمها أن إجراء تحقيق يمكن أن يصرف الانتباه عن الحرب المطلوبة ضد الإرهاب، رفضت المطلب الخاص بتشكيل لجنة تحقيق خاصة. ولكن افتقار الجماهير إلى المعلومات كان أيضاً راجعاً في جانبه الأعظم إلى أن جريدة التايمز إلى جانب معظم المطبوعات الصحفية لم تقم بنشر تقارير التحقيقات والتي كان من الممكن من خلالها تنوير الجماهير. علاوة على ذلك، بعد مرور عام آخر ظل الموقف كما هو لم يتغير.
ففي الحادي عشر من سبتمبر 2003، تساءل أحد كتاب "فيلادلفيا ديلي نيوز": "لماذا بعد مرور 730 يوماً لا نزال لا نعلم إلا القليل عما جري في ذلك اليوم؟".
إن الصحافة الأمريكية، على وجه الخصوص، لم تقم بالبحث الدقيق والمتعمق في الرواية الرسمية لمضاهاتها بالأدلة المتوافرة والنظر إلى مدى معقوليتها.
وأثار الكثير من روايات الصحف والتلفزيون العديد من التساؤلات المقلقة والمحيرة بشأن الرواية الرسمية حيث تبين أن هناك عناصر معينة غير مقنعة أو تبدو متناقضة مع وقائع معينة. ولكن الصحافة لم تجابه المسئولين الحكوميين بهذه الأشياء غير المنطقية والمتناقضة. علاوة على ذلك فإن وسائل الإعلام لم تقدم للجمهور أي رؤية شاملة تزيح النقاب عن الكثير من الأمور المستغلقة والغامضة. وهناك الكثير من القصص بالغة الأهمية لدي عدد من الصحفيين من بينهم الصحفي العالمي ذائع الصيت جريجوري بلاست والصحفي الكندي باري زفيكر. ولكن هذه القصص، حتى لو ظهرت إلى الوجود فإنها كثيراً ما يتم تجاهلها من قبل الوعي الجماعي وتظل مجرد منتجات فردية لكتابات أصلية وشجاعة ولكنها لا يسمح لها بإضافة أي شيء هام. وفي النهاية، على الرغم من الانتقادات الحادة للرواية الرسمية التي قام بها الكثير من الأشخاص الذين هم فوق مستوى الشبهات فإن وسائل الإعلام لم تعرض وجهات نظرها على الجماهير.
والانتقادات الموجهة للرواية الرسمية هي انتقادات مثيرة للجماهير، حيث تنطوي على أن القادة الأمريكية، بمن فيهم الرئيس، قد صنعوا كذبة كبرى. وإذا كانوا قد لفقوا رواية كاذبة فإنهم يكونون قد فعلوا ذلك، كما يعتقد معظم الناس، من أجل إخفاء تواطؤهم في الأمر. وهذه في الواقع هي النتيجة التي توصل إليها معظم نقاد الرواية الرسمية. وهذه بالتأكيد تهمة مثيرة لغضب الجماهير، ولكن كيف نستطيع أن ندعي أن لدينا صحافة حرة؟ أو سلطة رابعة؟ إذا كانت تفشل في التحقيق في تهم خطيرة موجهة ضد الرئيس المنتخب بحجة أنها مثيرة للغضب الشعبي. لقد كانت التهم الموجهة ضد الرئيس ريجان في فضيحة إيران-كونتراتهما مثيرة للجماهير. وكانت التهم الموجهة نحو الرئيس كلينتون تهماً أيضاً مثيرة للغضب. ومع ذلك في كل من هذه الحالات قامت الصحافة بتغطية الموضوع. إننا في مثل هذه المواقف نكون في أمس الحاجة إلى صحافة حرة. ولكن الصحافة قد فشلت في القيام بواجبها فيما تصل بأحداث الحادي عشر من سبتمبر على الرغم من ذلك، فإذا كانت الرواية الرسمية لهذه الأحداث كاذبة فإن العواقب سوف تكون وخيمة على نحو أخطر من أي من تلك الفضائح السابقة. وقد تم استخدام الرواية الرسمية للأحداث كمبرر للحرب على أفغانستان والعراق، والتي أدت ليس فقط إلى مقتل آلاف المحاربين ولكن أيضاً العديد من المدنيين الأبرياء الذين فاق عددهم من لقوا مصرعهم في الحادي عشر من سبتمبر. وهذه الرواية قد استخدمت أيضاً كذريعة للقيام بعشرات العمليات الأخرى حول العالم والتي لا يعلم الشعب الأمريكي عنها شيئاً. كما استخدمت لتبرير إصدار قانون مكافحة الإرهاب الذي تم فيه وضع الحريات المدنية للأمريكيين في الأغلال. واستخدمت لتبرير الاعتقال الأبدي للعديد من الأشخاص في "جوانتانامو" وفي أماكن أخرى. ومع ذلك فإن الصحافة كانت مهذبة للغاية في استجواب الرئيس بشأن الحادي عشر من سبتمبر وكانت أكثر عدوانية في استجوابها للرئيس كلينتون بشأن علاقته بمونيكا لوينسكي، وهو أمر في غاية التفاهة بالمقارنة.
إن الفشل الذريع لوسائل الإعلام الأمريكية في هذا الخصوص قد اعترف به أصحاب الشأن. على سبيل المثال، أعلنت رينا جولدن، نائبه الرئيس والمدير العام لشبكة الـ"سي إن إن" في أغسطس 2002 أن الصحافة الأمريكية تمارس الرقابة الذاتية على نفسها فيما يتصل بكل من الحادي عشر من سبتمبر والحرب على أفغانستان. وتضيف جولدن قائلة "إن أي شخص يدعي أن وسائل الإعلام الأمريكية لا تمارس الرقابة الذاتية يخدعك. وهذا ليس خاصا فقط بالسي إن إن، فكل صحفي يتصل على نحو قريب أو بعيد بأحداث الحادي عشر من سبتمبر يتحمل بعض المسئولية عن ذلك".
وقد أعلن دان رازر الصحفي بشبكة سي.بي.إس عن السبب في حدوث ذلك حيث قال:
"لقد جاء وقت في جنوب أفريقيا كان فيه الناس يضعون الإطارات المشتعلة حول أعناق المخالفين لهم في الرأي. وعلى نحو ما فإن الخوف من أن يضعوا تلك الإطارات حول عنقك، وهو في هذه الحالة إطار الاتهام بعد الولاء أو عدم الانتماء. وهذا الخوف هو الذي يمنع الصحفيين من توجيه الأسئلة الصعبة".
يوضح اعتراف رازر جانباً ضئيلاً من الأسباب الكامنة وراء إحجام الصحافة عن نقد الرواية الرسمية، وخاصة أن الصحفيين الذين ينظر إليهم على أنهم غير وطنيين يمكن أن يخسروا وظائفهم.
ويقترح ثيري ميسان، أحد النقاد البارزين للرواية الرسمية، أن الأمريكيين ينظرون إلى أي نقد للرواية الرسمية ليس فقط على أنه عدم ولاء للوطن ولكن على أنه أيضاً هرطقة وكفر. وفي يوم الثاني عشر من سبتمبر يذكرنا ميسان بإعلان الرئيس بوش عن نيته في قيادة "صراح أبدي للخير ضد الشر". وفي الثالث عشر من سبتمبر، أعلن بوش أن اليوم التالي سوف يكون ذكري سنوية للصلاة وتذكر ضحايا الهجمات الإرهابية.
وفي الرابع عشر من سبتمبر أعلن الرئيس وهو يحيط به بيلي جراهام وكاردينال وحاخام وشيخ بالإضافة إلى أربعة رؤساء سابقين والعديد من أعضاء الكونجرس في موعظة دينية:
"إن مسئوليتنا أمام التاريخ واضحة جلية: وهي الرد على هذه الهجمات والقضاء على عالم الشر. لقد تم شن الحرب علينا من قبل الخسة والغدر. وهذه الأمة أمة مسالمة ولكن الحقد تحول إلى غضب وأفرز العلم أعداء للحرية لقد هاجموا أمريكا لأننا بلد حر وندافع عن الحرية. إن واجبنا أن نحافظ على ما نادى به آباؤنا... إننا نسأل الله القادر أن يحفظ أمتنا وأن يلهمنا الصبر والحكمة في الأيام المقبلة... ونسأله أن يرشدنا إلى سواء السبيل. بارك الله أمريكا".
وعبر هذا الحدث غير المسبوق الذي أعلن فيه رئيس الولايات المتحدة الحرب من كاتدرائية، يري ميسان أن "الحكومة الأمريكية قد أحاطت الرواية الرسمية بهالة من القداسة. ومنذ ذلك الحين فصاعدا أصبح أي جدل حول الحقيقة الرسمية ينظر إليها على أنه تدنيس للمقدسات".

الحادي عشر من سبتمبر واليسار
إذا كانت إثارة تساؤلات محيرة أو مثير الشك حول الرواية الرسمية ينظر إليها على أنها عدم ولاء وتدنيس للمقدسات، فلا يثير الدهشة أن يعترف كل من رينا جولدن ودان رازر أن الاتجاه الغالب في الصحافة الأمريكية لم يقم بإثارة هذه الأسئلة. كما لا يثير الدهشة أن معلقي الجناح اليميني وحتى المعلقين المعتدلين على الشئون السياسية لم يطرحوا أسئلة جادة حول الرواية الرسمية. وحتى لا يثير الدهشة أن البعض منهم-بنم فيهم جان بيثيك اليشتين أستاذة الأخلاق الاجتماعية والسياسية؟ قد أعلن أن الاتهام الخاص بوجود تواطؤ رسمي يتجاوز حدود الجدل المنطقي، بحيث أنه يمكن تجاهل أية حجج تؤيد هذا الاتهام. وتضيف اليشتين مشيرة إلى الاتهام القائل بأن المسئولين الأمريكيين بما فيهم الرئيس كانوا متواطئين في الهجمات:
إن هذا النوع من الجنون المطبق يتجاوز حدود الجدل السياسي وعلى ذلك أنه "لا يستحق أن نستمع إليه" ومن هذا المنظور، ليس من الضروري اختبار الأدلة المقدمة بواسطة منفذي الرواية الرسمية حتى على الرغم من أن هؤلاء النقاد هم أساتذة مثقفون يقومون بالتدريس في جامعات مجاورة، مثل الأكاديميين الكثيرين المتمتعين بالاحترام الاقتصادي ميشيل شودوسكي والفيلسوف الاجتماعي جول ماك مورتر.
وعلى الرغم من أن إلشتين تشير إلى "أننا إذا حظينا بوصف خاطئ للأحداث، فإن تخيلاتنا وأخلاقياتنا سوف تكون خاطئة أيضاً"، فإنها توافق على أنه ليس من الضروري النظر فيما إذا كان من المحتمل أن تكون الرواية الرسمية عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر غير صحيحة. وعلى الرغم من أن هذا موقف غير سار، وخاصة حينما يعبر عنه داخل المجتمع الفكري أو طائفة المثقفين، فإنه لا يدعو إلى الدهشة.
ومع ذلك، فإن ما يثير الدهشة هو أن النقاد اليساريين الأمريكيين، الذين لا يهتمون كثيراً بشأن أن يطلق عليهم غير وطنيين أو منتهكين للمقدسات، لم يقوموا في جانبهم الأعظم، على الأقل على نحو علني، باستكشاف مدى إمكانية وجود تواطؤ رسمي.
وهؤلاء النقاد كانوا منتقدين على نحو لاذع للطريقة التي قامت بها إدارة بوش بالرد على أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وقد أشاروا، على وجه الخصوص، إلى أن هذه الإدارة قد استخدمت أحداث سبتمبر كذريعة لوضع سياسات وتنفيذ عمليات لها علاقة ضئيلة أو ليس لها علاقة على الإطلاق بمعاقبة مرتكبي الهجمات أو منع وقوع هجمات مماثلة في المستقبل. وأشاروا حتى إلى أن معظم هذه السياسات والعمليات كانت موضوعه بالفعل على أجندة إدارة بوش قبل الهجمات، حيث لم تكن هجمات سبتمبر سبباً وإنما كانت مجرد ذريعة لتنفي هذه السياسات. ونعلم هؤلاء النقاد أيضاً أن الولايات المتحدة قامت مراراً وتكراراً في الماضي بتلفيق "حادث" ما ذريعة للمضي إلى الحرب، كما حدث في الحرب على المكسيك وكوبا وفيتنام.
ولكن القليل من أولئك النقاد قاموا بمناقشة جادة، على الأقل على مسمع ومرأى من الجماهير، لأحداث سبتمبر من هذا المنظور على الرغم من أن توضيح تلك الحقيقة، بافتراض أنها صحيحة، سوف يكون أكثر الطرف فعالية لإجهاض سياسات إدارة بوش التي يعارضونها بقوة.
وحتى لو رفضوا "نظرية المؤامرة" فإنهم يقبلون، على الأقل على نحو خفي، "نظرية المصادفة" والتي تبعاً لها كانت أحداث الحاد عشر من سبتمبر، من وجهة نظر الإدارة، فرصة ذهبية للسماح لها بتنفيذ أجندتها.
ويقدم راؤول ماهاجان، احد النقاد البارعين للإمبريالية الأمريكية، مثالاً على ذلك. وهو يقوم بتحليل قضايا الإمبريالية الأمريكية منذ الحادي عشر من سبتمبر على ضوء ما جاء في الوثيقة المشار إليها من قبل والتي تحدثت عن مدى الحاجة إلى "بيرل هاربور جديد" ممكن أن يؤدي إلى إعادة بناء الدفاعات الأمريكية والتي أعدت من قبل مشروع القرن الأمريكي الجديد. ويؤكد ماهاجان على ثلاثة موضوعات أساسية احتوت عليها الوثيقة وهي الحاجة إلى بناء المزيد من القواعد العسكرية حول العالم من أجل ممارسة الهيمنة العسكرية والحاجة إلى إحداث "تغيير في النظام" في الدول التي لا تخدم المصالح الأمريكية والحاجة إلى زيادة الإنفاق العسكري وخاصة في مجال "الدفاع الصاروخي" والتي لا ينظر إليها على أنها من أجل الردع ولكن "كشرط أساسي للحفاظ على المبادرة" من خلال منع الدول الأخرى من ردع الولايات المتحدة. ويشير ماهاجان بعد ذلك إلى أن "هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت فرصة طبيعية من أجل إنعاش الموازنة العسكرية" كما أن الأفكار الأخرى الواردة في هذه الوثيقة بالإضافة إلى انشغال بوش وتشيني الدائم بالبترول قد وفرت القضايا الكبرى الخاصة بالإستراتيجية الإمبريالية بعد الحادي عشر من سبتمبر.
ويشير ماهاجان أيضاً إلى أن هذه الوثيقة تنص على أن التحول العسكري قد يكون مستحيلا من الناحية السياسية "ما لم تحدث مأساة أو حادث مروع" شيئاً ما مثل بيرل هاربور جديد. ويضف ماهاجان أيضاً أنه "في خلال عام كان لدي مؤلفي هذه الوثيقة ما يبحثون عنه (بيرل هاربور جديد) وكانت لديهم الفرصة لتحويل أحلامهم الإمبريالية إلى واقع ملموس". ومع ذلك، بعد الإشارة إلى كل ذلك ينحاز ماهاجان إلى المصادفة وليس المؤامرة لن يسرهم ذلك بلا ريب ولكن هذا مثل الكثير من الأحداث في تاريخ السياسة للخارجية الأمريكية هو مثال آخر لقاعدة باستير الشهيرة التي تقول "إن الحظ يخدم العقل المدبر".قد يكون ماهاجان على حق. ولكنه لا يقدم لنا سبباً يوضح لنا لماذا يفكر على هذا النحو. وهو-على وجه الخصوص-لم يقدم لنا ما يدل على أنه قد قام بدراسة الأدلة المقدمة من قبل أولئك الذين يقولون بأن الهجمات لم يكن من الممكن أن يكتب لها النجاح إلا بتواطؤ الحكومة الأمريكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق